فصل: الشاهد الرابع والعشرون بعد الأربعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.حصار الإفرنج طرابلس وغيرها.

كان صنجيل من ملوك الإفرنج المذكورين قبل قد لازم حصار طرابلس وزحف إليه قليج أرسلان صاحب بلاد الروم فظفر به وعاد صنجيل مهزوما فأرسل الدولة بن عمار صاحب طرابلس إلى أمير آخر نائب جناح الدولة بحمص إلى دقاق بن تتش يدعوه إلى معالجته فجاء تاج الدولة بنفسه وجاء العسكر مددا من عند دقائق واجتمعوا على طرابلس وفرق صنجيل الفل الذين معه على قتالهم فانهزموا كلهم وفتك هو في أهل طرابلس وشد حصارها وأعانه أهل الجبل والنصارى من أهل سوادها ثم صالحوه على مال وخيل ورحل عنهم إلى طرسوس من أعمال طرابلس فحاصرها وملكها عنوة واستباحها إلى حصن الطومار ومقدمه ابن العريض فامتنع عليهم وقاتلهم صنجيل فهزموا عسكره وأسروا زعيما من زعماء الإفرنج بدل صنجيل فيه عشرة آلاف دينار وألف أسير ولم يعاوده وذلك كله سنة خمس وتسعين وأربعمائة ثم سار صنجيل إلى حصن الأكراد وحاصره جناح الدولة لغزوه فوثب عليه باطني بالمسجد وقتله ويقال أن رضوان بن تتش وضعه عليه فسار صنجيل إلى حمص وحاصرها وملك أعمالها ثم نزل القمص على عكا في جمادي الأخيرة من السنة فنفر المسلمون من جميع السواحل لقتاله وهزموه وأحرقوا أهله والمنجنيقات التي نصبت للحرب ثم سار القمص صاحب الرها إلى السروج وحاصرها فامتنعت عليه وزحف عساكر مصر إلى عسقلان للمدافعة عن سواحلهم فزحف إليهم بردويل صاحب القدس فهزمه المسلمون ونجا إلى الرملة وهم في اتباعه فحاصروه وخلص إلى يافا وفشا القتل والأسر في الإفرنج والله تعالى ولي التوفيق.

.حصار الإفرنج عسقلان وحروبهم مع عساكر مصر.

لما طمع الإفرنج في عسقلان واستفحل أمرهم بالشام جهز الأفضل أمير الجيوش عساكره من مصر لحربهم سنة ست وتسعين مع سعد الدولة القواسي مولى أبيه وزحف بغدوين ملك الإفرنج من القدس فلقيهم بين الرملة ويافا وهزمهم ومات سعد الدولة مترديا عن فرسه واستولى الإفرنج على سواده وبعث الأفضل بعده ابنه شرف المعالي فلقيهم في العساكر على بازور قرب الرملة فهزمهم ونال منهم ونجا كثير من أعيانهم إلى بعض الحصون هنالك فحاصرهم شرف المعالي خمس عشرة ليلة وملك الحصن فقتل وأسر ونجا بقدوين إلى يافا ثم إلى القدس فصادف وصول جمع كثير من الإفرنج لزيارة القدس فندبهم للغزو فساروا إلى عسقلان وبها شرف المعالي فامتنعت ورجعوا وبعث شرف المعالي إلى أبيه فبعث العساكر في البر مع تاج العجم مولى أبيه والأسطول في البحر لحصار يافا مع القاضي ابن دقاوس فلما وصل الأسطول إلى يافا بعث عن تاج العجم ليأتيه بالعساكر فامتنع فأرسل الأفضل من قبض عليه وولي العساكر وعلى عسقلان جمال الملك من مواليهم فانصرمت السنة وبيد الإفرنج بيت المقدس غير عسقلان ولهم أيضا من الشام يافا وأرسوف وقيسارية وصيفا وطبرية والأردن واللاذقية وأنطاكية ولهم بالجزيرة الرها وسروج وصنجيل محاصر فخر الملك بن عمار بمدينة طرابلس وهو يرسل أسطوله للإغارة على بلاد الإفرنج في كل ناحية ثم دخلت سنة سبع وتسعين فخرج الإفرنج الذين بالرها فأغاروا على الرقة وقلعة جعفر واكتسحوا نواحيها وكانت لسالم بن مالك بن بدران بن المقلد منذ ملكه السلطان ملك شاه إياها سنة تسع وسبعين كما مر والله أعلم.

.استيلاء الإفرنج على جبيل وعكا.

وفي سنة سبع وتسعين وصلت مراكب من بلاد الإفرنج تحمل خلقا كثيرا من التجار والحجاج فاستعان بهم صنجيل على حصار طرابلس فحاصرها حتى يئسوا منها فارتحلوا إلى جبيل وملكوها بالأمان ثم غدروا بأهلها وأفحشوا في استباحتها ثم استنجدهم بقدوين ملك القدس على حصار عكا فحاصروها برا وبحرا وفيها بهاء الدولة الجيوشي من قبل ملك الجيوش الأفضل صاحب مصر فدافعهم حتى عجزوا وهرب عنها إلى دمشق وملك الإفرنج عكا عنوة وأفحشوا في استباحتها والله تعالى أعلم.

.غزو أمراء السلجوقية بالجزيرة الفرنج.

كان المسلمون أيام تغلب الإفرنج على الشام في فتنة واختلاف تمكن بها الإفرنج واستطالوا وكانت حران وحمص لمولى من موالي ملك شاه اسمه قراجا والموصل لجكرمش وحصن كيفا لسقمان بن أرتق وعصى في حران على قراجا بامته فيها فاغتاله جاولي مولى من موالي الترك وقتله فطمع الإفرنج في حران وحاصروها وكان بين جكرمش وسقمان فتنة وحرب فوضعوا أوزارها لتلافي حران واجتمعا على الخابور وتحالفا ومع سقمان سبعة آلاف من قومه التركمان ومع جكرمش ثلاثة آلاف من قومه الترك ومن العرب والأكراد وسار إليهم الإفرنج من حران فاقتتلوا واستطرد لهم المسلمون بعيدا ثم كروا عليهم فأثخنوا فيهم واستباحوا أموالهم وكان إسمند صاحب أنطاكية وشكري صاحب الساحل قد أكمنوا للمسلمين وراء الجبل فلم يظهر لهم أنهم أصحابهم وأقاموا هنالك إلى الليل ثم هربوا وشعر بهم المسلمون فاتبعوهم وأثخنوا فيهم وأسر في تلك الواقعة القمص بردويل صاحب الرها أسره بعض التركمان من أصحاب سقمان فشق ذلك على أصحاب جكرمش لكثرة ما امتاز به التركمان من الغنائم وحسنوا له أخذ القمص من سقمان فأخذه وأراد التركمان محاربة جكرمش وأصحابه عليه فمنعهم سقمان حذرا من اختلاف المسلمين وسار مفارقا لهم وكان يمر بحصون الإفرنج فيخرجون إليه ظنا بنصر أصحابهم فملكها عليهم وسار جكرمش إلى حران فملكها وولي عليها من قبله ثم سار إلى الرها وحاصرها أياما وعاد إلى الموصل وفادى القمص بردويل بخمسة وثلاثين ألف دينار ومائة وستين أسيرا والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق بمنه وكرمه.